الديمقراطية ذاك المفهوم الغريب في أوطاننا العربية من ضمن المصطلحات الاكثر تعقيدا والاوسع انتشارا في أمتنا علي جدران المدارس وفي الصحف وعلي اعلانات الانتخابات ، اتذكر انني منذ كنت طفلا في مسرحية الانتخابات النيابية كل خمس اعوام اقرأ تلك الكلمة علي الجدران وصعوبة نطقها لدي وفهمها ،والاصعب عندما كان المعلم يتلوها علينا في حصة الاملاء اكاد اتذكر ان لا أحد منا استطاع ان يكتبها لصعوبتها ، كان السؤال الدائم في مخيلتي ما معني هذه الكلمة الصعبة هل هي في قاموسنا العربي ام ماذا ؟ بدأت أكبر ومع كل عام تشتد الصراعات السياسية في وطني الي حد انني بدأت اجدها في الجرائد التي يحتفظ بها أبي لي لاطلع عليها ولكن ما أثار دهشتي انها موجودة في الصحف القومية الداعمة للحكومة وايضا في صحف المعارضة إذا جاز ان نسميها هكذا .تتوالي الاعوام وبدأت انخرط في الحياة السياسية وتلك الكلمة اتعرض لها كل يوم هذا المستبد علي رأس الدولة بحكومته الفاسدة يخرجون كل يوم يبررون ما يفعلوه من قمع وسرقة وتدمير وطن بأسم الديمقراطية وحشد من القطيع يصفق في مؤتمر الحزب الحاكم كل عام كأنه يمُن علي شعبه بها ولكن للأسف كانت كلمات استهلاكية في مؤتمر لحشد من الفاسدين واللصوص .
وذات يوما ثار الشعب المظلوم المسروق وكانت نفس الكلمة في هتافتهم بل إحدي اهم المبررات للخروج علي المستبد الظالم .
كل هذه المقدمة كبداية ودافع لان ابدأ بحثي نحو ذلك المفهوم الغامض وكان بالفعل انخراطي في السياسة ودراسة التاريخ المعاصر للثورات وجدت ان الدافع الاساسي ذلك المفهوم الغريب ماذا تكون الديمقراطية التي تجعل الشاب والشيخ والمرأة وكل اطياف المجتمع للخروج مطالبين به ومضحين بانفسهم في سجون الطغاة بل وتسيل دمائهم مدافعين عن هذا المفهوم ؟ ماهي الديمقراطية ؟ وما الحاجة اليها ؟
هل هي ذلك المفهوم المنتشر من حرية الرأي فقط ام ان هناك امور آخري اكثر من حرية الرأي .
وجدت الامر أبعد من ذلك هتف في أذني صوت الشيخ وهو يحتضر في العراق بعدما ضربت طائرات الاحتلال الامريكي بيته بداعي القضاء علي صدام حسين الديكتاتور ونشر الديمقراطية في بلاده المظلومة . كيف تصبح هذه الكلمة ملوثة بدماء الابرياء وتشريد الاطفال والنساء كيف لها ان تكون الدافع لالقاء الشباب واصحاب الفكر في المعتقلات كيف لها ان تصبح مادة للاعلان .
الديمقراطية في قاموسي هو ان لا يكون في وطني شريد ولا جائع ولا مظلوم .كيف لي ان اتحدث عنها وهناك من لا يجد ما يرتديه ،الديمقراطية هو ان اواجه الظلم بالعقل بقوة الضمير هو ان اعلن رأي امام الجميع دون ان اسيئ لاحد هو ان اجعل الوطن امامي لا خلفي بداخلي لا بجيبي هو ان اري الجميع سواء متساوون هو ان احلم بغدا مشرق للجميع فأبدع في فكري ورأي ..تلك هي الديمقراطية الغائبة عن وطني لا شعارات وانما ضمائر يجب احياؤها .