1 قراءة دقيقة
محمد سليمان يكتب : الاقتصاد والنظام الافضل لمصر

الاقتصاد كعلم هو احد اكثر العلوم الداعمة للتأمل والدراسة الدقيقة لكل الظروف المحيطة بنا ، فليس هناك قواعد او نظريات ثابتة بل الامر كما عند الفلاسفة كالحكمة الاشهر اذا اختلف الفلاسفة فكل منهم علي صواب الحال ايضا عند علماء الاقتصاد .

طرح صديقي العزيز الاستاذ احمد عابدين منذ ايام تحليل بسيط ومختصر عن النظام الاقتصادي الافضل لمصر هل النظام الرأسمالي ام النظام الاشتراكي ؟   مما دفعني لمحاولة ايجاد اجابة عن هذا السؤال من واقع ما درسته وما تعلمته في قلعة القانون وما تحتويه علي قامات و كوادر اقتصادية مرموقة علي المستوي الاقليمي والدولي  وإليكم ما توصلت اليه وهذا اجتهاد مني بذلك قد يحتمل الصواب او الخطأ فكما قولت الاقتصاد كعلم لا سيد له وداعم للتفكير والتأمل.

تعتبر أشهر الانظمة الاقتصادية السائدة علي مر القرون النظام الاقطاعي والذي استمر لقرون عديدة حتي بدايات القرن التاسع عشر الا ان بدأ ظهور النظام الرسمالي بعد الثورة الصناعية في اوروبا والثورة الفرنسية ومع هذا التحول الرهيب والسريع في المناخ الاقتصاد العالمي ظهر ايضا النظام الاشتراكي ، كلها انظمة اقتصادية تتبع انظمة سياسية فالاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة كلا منهما يكمل الاخر يؤثر فيه ويتأثر به .

بعد عملية التحول نحو الديمقراطية والقضاء علي الملكية بعد الثورة الفرنسية كان يستتبع القضاء علي النظام الاقطاعي وهو النظام التابع للملكية ، ظهرت المدرسة التقليدية علي يد اشهر علماء الاقتصاد وواضع قواعده ومسماه ( ادم سميث ) في نظر البعض علي الرغم من  ان العالم العربي ( ابن خالدون ) هو اول من تحدث عن الاقتصاد ومبادئه في مقدمته الشهيرة ( مقدمة ابن خالدون ) بعيد عن التاريخ الاقتصاد كعلم ولكن منذ ان بدأت المدرسة التقليدية في وضع اسس ومبادئ النظام الراسمالي وسياسة التحرر الاقتصادي وبدأ تطور واهتمام بالعلم الاقتصاد وبدأ العالم الابحار في فلك النظم الاقتصادية المختلفة فبدأ الاستعمار يغزو العالم بدافع اقتصادي وابيدت دول واحتلت اخري واختفت ممالك وظهرت اخري كل ذلك بدافع اقتصادي .

بعد تلك المقدمة عن الاقتصاد كعلم ونشأته وكما تعلمنا من اساتذتنا ان لا نتناول اي موضوع بعين البحث والتحليل قبل ان نلتزم بقواعد البحث وهي ان نظهر ونوضح في مقدمة كتمهيد للموضوع بالبحث عن تاريخ نشأته ثم نبدأ بتناول الموضوع . تاريخ مصر الاقتصادي كما هو المعروف ان مصر من اقدم دول العالم واكثرها تأثيرا في التاريخ بأكتشاف الزراعة ونشأة الدولة والجيش وغيره من العلوم التي غيرت مسار العالم وكانت مطمع لكل الغزاه ،ظل النظام الاقطاعي سائد في مصر منذ نشأتها الي القرن العشرين وقيام ثورة يوليو 1953 لتحرر الشعب من براثم العبودية والفقر والرجعية وتبدأ مصر مرحلة جديدة في تاريخها الحديث وبدأ تطبيق النظام الاشتراكي بعد تنقيحه بما يلائم طبيعة الشعب المصري ومعتقداته لان السائد وقتها ان الاشتراكية هي الاداة الاقتصادية الداعمة للنظام الشيوعي بكل بساطة حتي نستطيع ان نعرف الناس علي ذلك النظام ، فالنظام الاشتراكي يعني ان تكون الدولة هي المتحكمة في المسار الاقتصادي للبلاد تضع خطتها الاقتصادية وتقوم بتنفيذها . شهدت مصر طفرة اقتصادية غير مسبوقة شهد بها العالم اجمع حتي المنظمات الاقتصادية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وكان معدل النمو الاقتصادي المصري كبير ثم تحولت مصر بعد ذلك في منتصف السبعينيات القرن الماضي بعد حرب اكتوبر في التحول من اقصي الشرق الي اقصي الغرب وتطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادي كبداية لتطبيق النظام الراسمالي والذي يعني فتح المجال امام القطاع الخاص في العملية الاقتصادية ومشاركة الدولة في تطبيق خطتها الاقتصادية وتحقيق التنمية الاقتصادية ومازالت تلك السياسة متبعة الا وقتنا هذا .  بعد ذلك السرد المبسط نبدأ في الرد علي السؤال الافضل لمصر النظام الرسمالي ام الاشتراكي ؟

تكمن الاجابة في ما قلته في البداية ان الاقتصاد كعلم يدعو الي التفكير وعدم التقيد بنظريات بعينها بل لابد من الدراسة الدقيقة . وبنظرة تأمل لكلا النظامين واثرهما علي الاقتصاد المصري طيلت فترة تطبيقهما النظام الاشتراكي رغم ما قدمه لمصر من تحول في بنيتها الاقتصادية من الزراعة الي الصناعة والتطور المذهل في البنية التحتية لدولة نحو التقدم الا ان به عيوب خطيرة ظهرت ومازلنا نعاني منها الى الان وهي البيروقراطية والروتين والقضاء علي الابداع والاحتكار ، بالفعل ذلك النظام في اثناء تطبيقه حقق احلام الفقراء و احتياجاتهم ولكن علي المدي الطويل بدأت تظهر عيوبه  ، اما بالنسبة للنظام الرأسمالي وما به من مميزات في التحول نحو الديمقراطية ومشاركة المصريين من رجال اعمال في وضع خطط اقتصادية طموحة والتنوع في الاليات الاقتصادية الا انه وبكل بساطة سلم رقبة المصريين وخاصة الفقراء منهم الي سكين رجال الاعمال ليتاجروا بارواحهم وبصحتهم من اجل تحقيق الربح فالقانون السائد في النظم الرسمالية بأشكالها المختلفة هو الربح ولا شئ سوي الربح ، فأين وجدت المصلحة ذهب الضمير وما تلاه من بيع القطاع العام للمستثمرين والمضاربة باحلام وامال المصريين في نظام نشر الفساد فجعل من هؤلاء ( رجال الاعمال ) من شريك لدولة في التنمية الي متحكمين في سياستها ومازال التخلف منتشر بيننا فحتي تقديرات البنك المركزي ووزارة المالية بأن هناك معدلات تنمية في ارتفاع الا ان المستقيد ليس الشعب بطوائفه التي تعاني من الفقر والظلم ليتحكم فيها قانون المال فما تعلمناه من اساتذتنا في الاقتصاد ان المعيار الحقيقي في قياس معدل النمو الحقيقي لاقتصاد الدول هو مقدار الزيادة في الدخل للفرد وتغير مستوي معيشته ام غير ذلك فهي مجرد ارقام ومؤشرات لا قيمة لها .

وفي النهاية استطيع ان اقول ان النظام الحقيقي الافضل لمصر هو دراسة طبيعة المصريين ووضع نظام اقتصادي يلائم طباعهم فالحقيقة المؤلمة اذا تركت الاقتصاد في يديهم لبغوا علي بعضهم البعض واستعبد الغني منهم الفقير وهذا ما نراه الان من احتكار لسلع وزيادة في الاسعار بسبب جحود التجار واذا تحكمت الدولة  بشكل كامل في العملية الاقتصادية ستظهر بوادر الجهل الاقتصادي مما يؤخرنا لا يقدمنا الي الامام فعلينا تطبيق نظام مختلط يناسب الغنى والفقير فالدولة تبدأ في تنفيذ المشروعات القومية الكبيرة بجانب تأمين احتياجات الفقراء من سلع اساسية ووضع قواعد تحميهم من انياب التجار ورجال الاعمال وفي المقابل تبدا الدولة في تشجيع الاستثمار بوضع قواعد محفزة له ولنا في الصين عبرة ومثل .

ارجوا ان اكون قد قدمت شرح مبسط وكل ذلك من واقع تفكيري البسيط يحتمل في النهاية الصواب والخطأ . 

تم عمل هذا الموقع بواسطة