1 قراءة دقيقة
سينتيا الفليطي تكتب:ماتريد ان تعرفه عن الحضارة الفرعونية


كتب:سنتيا الفليطي

تعتبر الحضارة الفرعونية من أكثر الحضارات القديمة أهمية، وهي تلك الحضارة القديمة التي نشأت في مصر في الجزء الشمالي الشرقي من قارة أفريقيا، وقامت حدودها فوق ضفاف نهر النيل، ويعود تاريخ نشأتها إلى عام 3150 ق.م، ويشار إلى أن قيامها قد تزامن مع توحيد الملك مينا لكل من مصر العليا والسفلى (جنوب مصر وشمالها) معًا، فظهر الأثر والتطور على مر ثلاث ألفيات متتالية، وشمل تاريخ مصر القديم ظهور سلسلة من الممالك المستقرة سياسيًا، وفترات غير مستقرة نسبيًا، ثم انتقلت البلاد إلى الانحدار التدريجي؛ فاندثر حكم الفراعنة تمامًا بعد وقوع مصر تحت حكم الإمبراطورية الرومانية، وتشير سطور التاريخ المصري إلى أن الحضارة الفرعونية من أكثر الحضارات التي أورثت العالم إنجازات في تاريخ البشرية، كما تمكنت أيضًا من تحقيق النجاح الساحق في وادي نهر النيل نظرًا لوفرة مقومات الزراعة الضرورية. لا يختلف اثنان على أهمية ودور الحضارة الفرعونية التاريخي، هذه ما يجعلنا نتوق للتعرف على أهم وأبرز ما جعل هذه الحضارة فريدة وسباقة.

الحياة السياسية في مصر القديمة.. العدل أساس المُلك

في الوقت الذي يُعاني فيه الشعب المصري والأحزاب السياسية على حد سواء من الأوضاع السياسية، والتي وصفها البعض بأنها ديكتاتورية، وعلى الجانب الآخر سادت في مُخيلة المُعظم صورة بأن الحياة السياسية عند المصريين القدماء اتسمت بالاستبداد والطُغيان إلا أن التاريخ يُثبت عكس ذلك ووفقًا للأبحاث التاريخية وما جاء في كتابات المصري القديم، وحسب ما أورده مصطفى النشار، أن السياسة في مصر القديمة فصلت بين السُلطات.

وتدرجت المناصب السياسية في مصر، وبدأت من الملك ثم الوزير تلاهما موظفي البلاط الملكي، ثم الإدارات المحلية، وآخرهم الحُكم الذاتي في الريف:

  • واعتمدت السُلطة في مصر القديمة على مركزية القرار لا مركزية التنفيذ؛ بمعنى أن سُلطة الملك تتضمن القيادة العُليا للجيش وعقد المعاهدات مع الدول الأجنبية تعيين كبار الموظفين وتدشين المشروعات العامة.

  • وأورد الباحث الأثري ومفتش الآثار، محمد عبد السلام بريك، في بحث بعنوان "لمحات عن التنظيم الإداري في مصر القديمة الفرعونية"، أن منصب الوزير ظهر في بداية الأسرة الرابعة، كمُشرف على الإدارة والقضاء والاقتصاد.

  • أما مهام الإدارات المحلية حسبما أوضح عالم الآثار البريطاني، فلندرز بيتري، أن حكام المُقاطعات عاونوا الحكومة، وكانت الإدارة المحلية تقوم بكل شؤون إدارة المُقاطعة، وعَيّن الحاكم مندوبًا في كل قسم من المُقاطعة، ومن مهامهم تقديم تقارير عنها للوزير مُباشرة.  

  • واتفق عالم الآثار البريطاني، فلندرز بيتري، مع ما أورده المؤرخ ديودور الصقلي في كتابه "الحياة الاجتماعية في مصر القديمة"، أن نظرية الحق الإلهي الخاصة بالملوك كانت مقيدة بالنسبة لملوك مصر القديمة.

وأوضح ديودور في كتابه أن ملوك مصر لم يكونوا مُستبدين مثلما ساد في البلاد الأخرى، الذين حكموا ملوكها حسب أهواؤهم، ولكن الأمر في مصر اختلف فهناك قوانين تُنظم حياتهم الخاصة والعامة، مُشيرًا إلى وجود قانون حدد للملك ساعات العمل.

ولَّفت ديودور في كتابه إلى أن الملك أقام العدل في شعبه، ولذلك أزداد ولاء المصريين تجاهه وأسرته سلالته بأكملها.

 

السحر: سر فرعوني عظيم

لا يزال السحر هو سر من أسرار الحضارة المصرية القديمة، فعلى الرغم من تحقيق آلاف الاكتشافات الأثرية، وفك طلاسم العديد من البرديات الفرعونية، مازال الغموض يحيط بطبيعة وماهية السحر عند الفراعنة، ليبقى السحر هو الغموض الذي يحيط أسرار الحضارة الفرعونية.

لقد وصل السحرة عند الفراعنة إلى معرفة علوم ما بعد الطبيعة أو "الميتافيزيقا"، حيث تمكن السحرة من السيطرة على القوى غير الملموسة التي توجد في الطبيعة، وفي الأشياء سواء الجماد أو الحي، وكان التحكم بقوى فوق الطبيعة علما سريا لم ينقله السحرة إلا بشروط وعهود ومواثيق، ولم يتاح لأي شخص أن يكون ساحرا، فقد كان ينتقى السحرة وفقا لشروط معينة ليدخلوا إلى المعابد ويتعلموا فنون السحر. تحدثت الكثير من البرديات المصرية القديمة، عن تحويل الجماد إلى كائن حي مفترس،  وتحكي إحدى البرديات قصة مثيرة عن كاهن مصري يكتشف خيانة زوجته له مع شاب فتي، فما كان منه إلا أن صنع تمساحا صغيرا من الشمع وانتظر حتى نزل الشاب إلى المسبح ليغتسل، فألقى الكاهن بتمساح الشمع إلى المسبح، وقرأ عليه تعويذته السحرية، فتحول التمساح الشمعي إلى تمساح مفترس فتك بعشيق زوجته. ومن أشهر قصص السحر ما جاء ببردية "خوفو والسحرة"، عندما جاء ابن الملك خوفو بالساحر "جدي" الذي كان يعيش في مدينة "جد سنفرو" ويبلغ من العمر مائة عام، وسأله عن حقيقة تمكنه من السحر وقدرته على أن يقطع رأس إنسان أو أي كائن حي ويعيده مرة أخرى، وطلب منه الملك أن يفعل ذلك أمامه، وبالفعل قام "جدي" بقطع رقبة إوزة، وألقى بالإوزة في جهة ورقبتها في جهة أخرى، ثم أشار إليها، فعادت تطير وسط دهشة الحاضرين.

وتشير الرموز واللوحات المنحوتة التي عثر عليها في المقابر بشكل واضح إلى وجود السحر بمصر القديمة، وأنه كان جزءا لا يتجزأ من حضارة المصري القديم، وأنه من أشهر السحرة في مصر الفرعونية، الساحر "إس – آتوم"، والذي عاش في الفترة المتأخرة من حكم الملك نكتانبو الثاني حوالي 359 ق.م، ويرجع إليه الفضل في الحفاظ على اللوحة الشهيرة التي تعرف باسم لوحة "مترنيتش"، والتي تحوي أحد النصوص السحرية التي كانت تستخدم لأغراض العلاج من لدغات الحيات والعقارب.

وهناك أيضا "حور – ددف" أحد أبناء الملك خوفو، وكان من أشهر الحكماء في تاريخ مصر القديمة، وقيل إنه اكتشف العديد من كتب السحر القديمة، مما مكنه من معرفة علوم السحر، كذلك "خا – إم – واست"، وهو الابن الرابع لرمسيس الثاني، وكان كبير كهنة "رع" بمدينة منف، وقد كان مولعا بدراسة النصوص القديمة، ومنها كتب علم السحر، فبرع فيها واشتهر بالسحر والحكمة.

 

عن الدين

كان الدين في الحضارة الفرعونية حاضرًا، حيث كان هناك اعتقاد بالحياة الآخرة سائدًا، وقد كانت قبور الموتى تحوي أدوات فخارية بالإضافة إلى الممتلكات الشخصية للمتوفى، حيث اعتقد الفراعنة أن المتوفى سيأخذ أدواته معه للحياة الآخرة، وكان التطور الأكبر في بَدء استخدام التحنيط، فقد كان الاعتقاد السائد بأن الجسم يجب أن يظل متماسكًا حتى يعيش المتوفى في العالم الآخر، لكنّ التحنيط كان مكلفًا، إذ لم يكن متاحًا للأغلبية من عامّة الشعب، بل إنّها تقتصر على الحكام والأغنياء، فيما بعد اتجه تركيز الحياة الدينية نحو المعابد ونحو الأشكال الجماعية كالتماثيل التي بنيت بكثرة،وعبد الفراعنة عدة آلهة كان أشهرهم إيزيس.

تعتبر الحضارة المصرية واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ، ويرجع ذلك إلى الرفاهية التي كانت تتمتع بها وإلى الخيرات التي كانت تفيض بها أرضها الخصبة. وقد أدت مصر ذات المساحة الصغيرة، دورًا ذا شأن في تاريخ الحضارة لم تؤدِّه أمم ذات مساحات شاسعة.

مكانة المرأة عند الفراعنة

كتب د.زاهي حواس وزير الدولة لشئون الاثار المصرية السابق، وشغل سابقاً منصب مدير آثار الجيزة : تمتعت المرأة المصرية في العصر الفرعوني بالكثير من الحقوق وكانت جديرة بالتقدير، حيث روعيت المساواة بين الرجل والمرأة، فنالت سيدة العالم القديم المصرية ما لم تنله امرأة في العالم القديم. وكان للنساء بعض الممتلكات الخاصة والأراضي التي أشرفن على إدارتها بأنفسهن؛ فأدى ذلك إلى أنها تمتعت بنوع من الاستقلال المادي والاقتصادي؛ حيث كان لها الحق في إقامة الدعاوى القضائية بنفسها كما تمثل شاهدة أمام القضاء حينما تطلب شهادتها، وتعاقب إذا ما اقترفت أي جريمة. هكذا يمكننا القول إن المرأة كانت عضواً في المجتمع المصري القديم، مسؤولة وجديرة بالاحترام، حيث كانت المرأة المصرية على النقيض من نظيرتها في المجتمع اليوناني والروماني، إذ كانت حياتها مليئة بالقيود الصارمة والعيش دائماً في كنف الرجل، أب أو أخ أو زوج يتولى رعايتها والإنفاق عليها... ومن الجدير بالذكر أن أحد المصادر المكتوبة تؤكد اشتراك المرأة في عضوية إحدى المحاكم القروية لمرة واحدة، وهناك حالة أخرى نادرة أيضاً عن اشتراك امرأتين مع ثلاث رجال في أحد مجالس القضاء، وكانت هذه الحالات نادرة؛ تمثل حالات استثنائية فرضتها حالة تستوجب وجود امرأة تتفهم شؤون النساء والأخص في قضايا الأحوال الشخصية!

أما أهم ما قامت به المرأة أيضاً فهو التمريض وإسعاف العمال الذين يصابون أثناء نقل الأحجار لبناء الهرم. ونستطيع أن نقول إن المرأة كانت تختار من تتزوج؛ ولدينا منظر موجود داخل مقبرة «خيتي» ببني حسن يظهر العريس وهو يحصل على موافقة العروس قبل أن يعقد القران عليها، وكانت هناك قائمة منقولات تكتب قبل أن تدخل على زوجها، ولكن أهم ما يميز المرأة هو أننا نستطيع أن نقول إنها حصلت على حقوق أكثر من المرأة في القرون الوسطى بأوروبا.

الطب...الجراحة والتشخيص

اهتم المصريون بالجراحة وتفوقوا فيها على زملائهم البابليين. فعادة تحنيط الموتى بشق جسم الانسان وإخراج الأحشاء منه، ساعدتهم في معرفة أعضاء الجسم الداخلية، كالقلب والمعدة والإمعاء والرئة والكبد وغيرها. وقد حنّطوا موتاهم بمواد ما زالت إلى اليوم موضع بحث وإعجاب. وتعلّموا من ممارسة التحنيط أيضًا خاصّية الملح والصمغ في حفظ جسم الميت.
وقد بيّنت المكتشفات الأثرية أن الأطباء في مصر القديمة كانوا يجرون عمليات جراحية دقيقة مثل «ثقب الجمجمة» إضافة إلى بعض التقدم في جراحة الأسنان.
وتضمنت إحدى البرديّات معلومات عن توصّل المصريين إلى معرفة الدورة الدموية وعلاقة النبض بالقلب، واتصال القلب بأوعية تتوزع في جميع أجزاء الجسم. كما تضمنت البرديّات نصوصًا طبية تعالج بعض النواحي الجراحية في الطب كالخرّاجات (أكياس) تحت الجلد، والبثور، والدمامل، والجروح، والكسور، وبعض الحالات المرضيّة عند النساء.
وسنّ المصريون نظامًا أدبيًا في المعالجة يقضي بإعلان الطبيب بصراحة للمريض مدى مقدرته في معالجة المرض بعد تشخيصه، إذ كان عليه أن يصرّح بإحدى العبارات الآتية: «هذا المرض لا أستطيع معالجته»، أو «هذا المرض من المحتمل معالجته»، أو «هذا المرض أستطيع معالجته». وكان من المصريين القدماء إختصاصيّون في التوليد وفي أمراض النساء وأطباء للعيون وآخرون لمعالجة اضطرابات المعدة وغيرهم.
وترك لنا المصريون القدماء مؤلّفًا مهمًا في الجراحة وضعوه على أساس علمي صحيح، وهو يدل إلى أن الجرّاحين المصريين شخّصوا كثيرًا من الحالات تشخيصًا صحيحًا، وعرفوا طريقة علاجها. وكانوا يحضّرون معظم العقاقير الطبية من النباتات، حيث كانت معرفة النباتات معرفة جيدة، من الأمور الأساسية لكل طبيب مصري، كما أكثروا من استعمال الفواكه والأعشاب. وقد انتقل قسم من المعارف الطبية المصرية إلى اليونان ومنها إلى الرومان ومن ثم إلى شعوب أخرى.

لاشك أننا بحاجة إلى مجلدات وأيام لاستعراض كل ما جاء به الفراعنة لكن في الخلاصة، تضمنت إنجازات قدماء المصريين استغلال كبير للمحاجر، والمسح بالإضافة إلى تقنيات البناء التي سهلت عملية بناء أهم تحفة معمارية وهي الأهرامات الضخمة وكذلك المعابد والمسلات، كل ذلك جنبا إلى جنب مع تقدم المعرفة الرياضية والطب وغيرها من المجالات الهامة التي يستفاد من إرثها إلى يومنا هذا ، ونجد أن أنظمة الري وتقنيات الإنتاج الزراعي وتميزها أمر تقدمي حتى الآن، ومن أهم الإنجازات صناعة السفن والقيشاني المصري وأيضا حرفية الرسم على الزجاج، وأشكال جديدة ومختلفة من الأدب، ومن أهم الإنجازات وجود أول معاهدة سلام معروفة. كل تلك الانجازات تركت لمصر ميراث من : الفن والعمارة و الاثار تقلدت فى كل العالم ، و ألهمت خيال الكتاب والرحاله من قرون. عظمة وخصوصية الحضارة المصرية جعلت من مصر وتاريخها إرث ثقافي وعالمي مرموق

تم عمل هذا الموقع بواسطة