1 قراءة دقيقة
الثأر قُنبلة موقوتة في المجتمع

تقرير:  أمل علي 

 تمثل ظاهرة الثأر مشكلة تعانيها مجتمعاتنا منذ القدم علي الرغم مما وصلنا اليه  من تقدم وتطور في مختلف نواحي الحياة ، إلا انها مازالت تعاني من هذه الظاهرة التي تهدد امنها .

 فما هو الثأر ؟ وماهي أسبابة ؟ وفيما تتمثل ثقافة الثأر وخصائصه ؟ وكيف يمكن التعافي من هذه الظاهرة ؟ قبل التطرق لظاهرة الثأر ، ينبغي أن نفرق أولا بين القصاص والثأر، نجد أن جميع الاديان السماوية قد أقرت القصاص العادل ونستشهد  علي ذلك بقوله تعالي " ولكم في القصاص حياة يا أولي الالباب " بمعني أن القصاص مطلوب شرعا من الناحية القانونية والدينية . أما ظاهرة الثأر فهي نتيجة وليست سبباً ، لأن فعل القتل الذي يحدث بين الناس بشكل غير مقصود لأسباب عديدة منها المشاجرات علي أشياء لا قيمة لها ومشاحنات عادية ! وإن دل ذلك إنما يدل علي تفاهة هؤلاء الاشخاص ورجعية تفكيرهم ، لكن هذه المشاجرات  تؤدي الي إفناء أرواح لا ذنب لها، فإن رد الفعل الذي نطلق علية الثأر يحدث بشكل مقصود وهو في حد ذاته انتقام  ولكن غالبا ما يتجاوز الطرف المنتقم حدود الاعتداء عليه ويكون ذلك سبباً في انتقام جديد من الطرف الاخر ، ويستمر بنا الحال دون أن نُدرك أننا في حلقة مفرغة ! وفيما يتعلق بأسباب الثأر للثأر أسباب عديدة تدل علي رجعية من يقومون به وضعف إيمانهم  لدرجة اننا  وصلنا الي درجة كيف نخطط وننتقم من بعضنا البعض وتناسينا اصول المشكلة التي كان من الممكن حلها بتصرف حكيم أو كلمة طيبة ! لكننا فضلنا السير في طريقاً وقوده ارواح أُناس أبرياء ، وتتمثل أسباب الثأر في قلة الوعي بأضرار ومخاطر هذه الكارثة التي تحصد الارواح دون رحمة ، وايضا انتشار ظاهرة السلاح في بعض المناطق وتداوله في يد الكبير والصغير ، وصدور  أحكام غير رادعه من قبل المحاكم وتعثر تنفيذ الاحكام في بعض الاحيان مما يكون مدعاة للأخذ بالثأر وتشجيعا له ! ولا ننسي دور العصبية في هذه الظاهرة وانتشار بعض العادات والتقاليد السيئة . وفيما يتعلق بثقافة الثأر وخصائصه نجد أن ظاهرة الثأر عملية انتقامية عشوائية ونتيجة للجهل الذي نعيشه والمترتب عن البعد عن الله ، أصبحت مجتمعاتنا أرض خصبة لهذه  الظاهرة بل إنها أفضل من يروج لها ! وللثأر خصائص عدة تساعده علي النمو ومنها أن الثأر لا يتقادم بتقادم الزمان وامثلة ذلك كثيرة فكم من ثأر جُدد ماضية بعد مرور سنوات عديدة قد تتجاوز الخمسون عاما ، والاشد من ذلك أن من يٌقدم علي الاخذ بالثأر قد لا يكون عاصر ما حدث ولكنة يٌقدم علي الاخذ بهِ استجابة لدوافع في معتقداتهم الرجعية ، بل إننا وصلنا الي مرحلة المذمة والعار لمن تخلف عن الثأر ، حيث يُقال " لا يأخذ بثأر ولا يحمي عار " ، بالاضافة الي أن بعض العائلات التي تتسم بالعصبية لا يكون للصلح مكان فيها إذا ما قُتل قتيل عندهم ، ومن الامور التي تنذر بدمار لا  نهاية له هو عدم أخذ عزاء للقتيل لكي يكون ذلك امرا مًذكرا  لهم بالواجب الذي يجب أن يقوموا به وفقا لمعتقداتهم بل تعدي الامر الي حث النساء الرجال علي الاخذ بالثار وتحولت بيوتنا والمُفترض أنها تعد أجيال للحاق بركاب التقدم والنهضة ركيزتها الاخلاق والتربية الي بيوت تسعي الي تدمير نفسها دون إدراكها لذلك . وبالنسبة لعلاج لهذه الظاهرة من المؤكد أن تطبيق شرع الله  وإلزام الاطراف المعنية بالاحتكام لشرع الله يأتي في مقدمة الحلول لهذه الظاهرة .كما توجد  ابعاد يمكن من خلالها القضاء علي هذه الظاهرة منها ضرورة اهتمام علماء الدين بهذة القضية وتوضيح عقوبة الثأر من اجل استبدال هذه العادات وموروثات الثأر ، كذلك العمل علي نشر التعليم وبناء المدارس في مختلف القري ، بالإضافة الي دور المؤسسات الاقتصادية في تحويل تللك المجتمعات التي قد يبدوا انه لاتوجد قيمة لها الي مجتمعات تهتم بالعمل وتدرك أن قيمة الانسان ليست فيما يُروي عنه عبر الاجيال بمن أخذ بثأره ، وإنما بما يقدم الي وطنة من نفع وعطاء ، ايضا ضرورة العمل علي رفع الوعي بهذه الظاهرة واثارها علي الافراد والمجتمع وذلك عن طريق مراكز متخصصة لمعالجة ظاهرة الثأر او عن طريق المحاضرات التوعوية ، ولا ننسي الالتزام بأن  حمل السلاح بقانون سيكون له اثر ايجابي في الحد من هذه الظاهرة كذلك  تلغيظ العقوبات وضرورة تطبيق سيادة القانون نفترق ولا نجد الطريق الامن ، تدفعنا أمواج العنف ونسينا بر الامان ، نثأر وننتقم دون وعي ، الم ندرك إنسانيتنا بعد .

تم عمل هذا الموقع بواسطة